لماذا لا يستمر معنا الجدول في التعليم المرن؟

الآن وقد بدأنا الجدول واستمر التطبيق فترة ووجدنا نتيجة جيدة, ثم مع الوقت يبدأ ظهور فجوات وحالة من الكسل والعزوف عن التطبيق سواء منكم أو من أطفالكم. لماذا لا نستطيع أن نستمر في التطبيق؟ وكيف نعالج هذه المشكلة التي تتكرر كل فترة؟
أول الأمر هو البحث عن سبب الانقطاع وأصله, هل هو الملل؟ هل هناك عامل من الإرهاق؟ هل هناك نشاط أو أنشطة تستهلككم نفسيا أو تضيع وقتكم؟ هل هناك مشكلة سلوكية معينة تجعل هناك ممانعة من التطبيق السهل؟ هل هناك اعتمادية كبيرة من أطفالكم عليكم بحيث يحتاجون أن تتابعونهم خطوة بخطوة؟ هل وقعتم في فخ تكديس الجدول؟ هل تحاولون التدقيق أكثر مما ينبغي في التطبيق تضيعون في التفاصيل؟
فعند عثوركم على مكامن المشاكل يصبح بإمكانكم أن تبدأوا في البحث عن علاج أو علاجات تيسر عليكم تطويل النفس ومعاودة الالتزام بالجدول وتحسين قدراتكم على التطبيق.
وهناك عدد من الأمور التي تيسر تطبيق الجدول والحفاظ عليه, مثل:

1- التفويض: محاولة توكيل بعض المهام سواء المنزلية أو التعليمية أو أي مهمة تستغرق وقتكم وجهدكم. هذا التوكيل يوفر عليكم الوقت والجهد وإن كلفكم مالا أو تقديم خدمة في المقابل (تبادل خدمات) على أن تكون أيسر منكم. كذلك من المزايا المهمة في التفويض أم تنوعوا فيمن يقدم المعلومة لطفلكم وأيضا يساعدكم على إلزام أنفسكم بالاستمرار لفترة طويلة مع نشاط معين (كحفظ القرآن مثلا) دون ان تفقدوا الحرية والمرونة المتاحة لكم في التعليم المرن.

2- الجمع بين الأهداف في نشاط واحد: حين تقومون بتحقيق هدف تعليمي من خلال توظيف مهارة معينة, فأنتم تضربون عصفورا بحجر. فمثلا قد يكون من أهدافكم تعليم الطفل الإبداع, فتخصصون نشاطا للتفكير الإبداعي في الجدول. بينما لو وجدتم نشاطا لغويا أو رياضيا أو جغرافيا يحتاج لإبداع كذلك فيمكنكم تحقيق هدفين أو أكثر بنشاط واحد.

3- الهدنة والاستراحة: من المهم إدراك أننا كبشر نصاب بالتعب والملل نحتاج من وقت لآخر لهدنة نقوم فيها بالتخفف من بعض الأحمال والمهام لكي نجدد نشاطنا ونعود بعدها للمواصلة. هذه الراحة يفضل أن تكون نشاطا اختياريا مقصودا وليس رد فعل على الإصابة بحالة من الانكسار تحت وطأة الضغوط المستمرة. خططوا جيدا لراحتكم واستجمامكم وأدركوا أن هذا مساو في الأهمية للجدول المعتاد.

4- التجديد: تأكدوا أنكم تخرجون من السأم دائما وتتجنبون الملل, جددوا وبدلوا في الأنشطة والمصادر وحاولوا تعديل الجدول من هيئة إلى أخرى كل فترة, وراقبوا وقع التجديد على أطفالكم لكي تدركوا أكثر ما يناسبهم. يساعدكم التجديد كذلك على الاستفادة من الفرص والمصادر التي تصدر حديثا أو الخدمات التي بدأت تتاح حديثا وتيسر عليكم رحلة التعليم المرن.

5- التخلي: تعلموا كيف تحذفون من الجدول أنشطة لو أحسستم أنها لا تعود عليكم بالنفع الكافي, وراقبوا دائما العائد على ما تستثمرونه من وقت وجهد. أحيانا يكون من الصعب علينا التخلي عن نشاط معين لإحساسنا بأهميته أو لأنه جزء من منهج المدرسة مثلا أو لأي سبب آخر, ولكن التدقيق في عائد وتكلفة كل نشاط يساعدنا على اتخاذ قرارات حكيمة فيما يخص التخلي عن جزء من الجدول.

6- تحميل الأطفال: عليكم التعود على التخلي عن موضعك كمراقب ومتابع لكل صغيرة وكبيرة, بل يجب أن تترك مجالا كبيرا لأطفالك وتعودهم الاستقلال والاعتماد على النفس والمشاركة في مهام المنزل بقدر طاقته. كذلك يجب أن تسعى أن يكون هناك دور تعاوني بين الأبناء من أعمار مختلفة مما يقلل الحمل عليكم ويعطيكم مجالا أوسع للانتباه لأنفسكم.

7- وقت العزلة اليومي: يجب على الأبوين أن يجدا نافذة يومية بعيدا عن الأطفال, قبل استيقاظهم, بعد نومهم أو في وقت يعتني بهم أحد آخر, فهذه العزلة تعطيكم فرصة طيبة للتفكير في نظام البيت ونقاط التحسين المطلوبة وحل المشاكل, ولكن انتبهوا من فخ الاسترخاء وتضييع كل هذا الوقت في التسلية باعتبارها فرصة نادرة, فلا مانع من الترويح عن النفس ولكن مهم أيضا عمل “صيانة” لنظامكم التعليمي.

8- القضاء على المشتتات: هل هناك ما يضيع وقتكم؟ هل يمثل وقت الطعام مثلا فترة مهدرة يوميا؟ هل الشاشات والألعاب الإلكترونية تعيق تعليم أولادكم وإقبالهم على القراءة؟ هل هناك مناسبات عائلية أو زيارات تقتطع وقتا وجهدا كبيرا منكم؟ إن البحث عن المشتتات والمعوقات ومحاولة تجاوزها أو إيجاد نظم بديلة لها من الأمور التي تفرق كثيرا في إنتاجيتكم. مثلا قد تكونون بحاجة لتخزين وتغييب عدد الألعاب والكتب إذا زاد عددها وصارت مصدرا للعشوائية, أو ربما يفيدكم تنظيم الوجبات الخفيفة لأطفالكم بحيث لا يصابون بالجوع وعدم التركيز قبل موعد الوجبة الرئيسية. وقد يكون من الضروري أن تحرصوا على تهدئة الأضواء ليلا واختيار أنشطة هادئة لتساعد في نومهم في موعدهم. ضعوا دوما يدكم على المشكلة ثم حاولوا حلها مرة ومرة ومرة حتى تجدون الحل المناسب.

9- تجديد النية واستعادة الحوافز: استحضار النية الصالحة من وراء عملك وجهدك وماهي الأسباب التي دفعتكم لاتخاذ قرار التعليم المنزلي من الأمور التي تجدد النشاط وتقوي العزيمة, فيجب من حين لآخر أن تجلسوا وتتذكروا لماذا نفعل هذا وما هي النية من وراء العمل, وعليكم بالدعاء فهو سلاح المؤمن. قد يبدو هذا أمرا بديهيا ولكن مع طول الوقت وتلاحق الأحداث من السهل أن يغرق الإنسان في دوامة التطبيق ويفقد مصدر الوقود الأساسي.

10- لا تخجلوا من طلب النصيحة والبحث عن التجارب الشبيهة: قوموا بالفضفضة والكلام عن مشاكلكم مع من تثقون برأيهم وحكمتهم, اكتبوا عن مشاكلكم وحلولها واسألوا المشورة ممن يطبقون التعليم المرن. فكثيرا ما يكون مكمن الداء واضح لمن هو خارج “المعمعة” ممن هو مشتت بين تفاصيل الحياة اليومية. وأيضا طالعوا تجارب الآخرين وما كتبوه عن مواجهة تحدياتهم وتعثرهم في تطبيق التعليم المنزلي وكيف تغلبوا على التعثر.

11- اكتبوا قائمة النجاحات: حين يحاول الإنسان تطبيق جدول من عدة عناصر فمن الطبيعي أن يواجه بعض المعوقات وبعض النجاحات, ولكن بطبع البشر النفسي نميل دوما للقلق من الخسارة أكثر من الفرح بما حققناه. لهذا يفيد أن تكتبوا قائمة بالأشياء التي نجحتم بالانتظام عليها وحققتم قدرا معقولا من المداومة عليها. اكتبوا القائمة وأفرحوا أنفسكم وأثبتوا بالدليل المكتوب أنكم قادرون على الانتظام ولديكم الإرادة والمثابرة, حتى لو حاولت الهواجس إقناعكم بغير ذلك.

واخيرا فهذه مجموعة من النصائح التي نرجو أن تعينكم على تجاوز أي عقبة أو سقطة في التطبيق وأن تعيدوا شحن قواكم من أجل معاودة تطبيق الجدول والاستمرار في رحلة التعليم المرن بسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *